نفق الديكابولس منجم الأردن الماسي

اسعد عزوني
أسعد العزوني
يشكل نفق الديكابولس –اليرموك المائي وطوله 140كم ،والذي إكتشفه قيصر الصحراء العلّامة البروفيسور أحمد الملاعبة قبل سنوات وسبر أغواره، وتعهد بتحويله إلى منجم ماسي يدر أرباحا خيالية على الأردن، وينشط السياح البيئية عندنا بمردود لا يقل عن 17 مليار دولار سنويا أسوة بنفق ” تشي” في فيتنام.
ومن المعروف ان الرومان قد بدؤا بحفر النفق منذ القرن الأول ميلادي وجاءت فترة ذروة النحت إبان فترة حكم الإمبراطور هدريان عام 130م، وإستغرق المشروع 80 عاما، بهدف نقل المياه وتزويدها لمدن حلف الديكابولس العشر التي تبدأ في سوريا وتنتهي ببيسان في فلسطين مرورا عبر الأردن بطبيعة الحال، إذ تحتضن الأراضي الأردنية العدد الأكبر من هذه المدن.
منذ إكتشافه على يد البروفيسور ملاعبة، وهذا النفق قبلة للعلماء والباحثين الغربيين ،بإعتباره أطول نفق تم إكتشافع في العالم، وأجزم أنه في حال وجد إهتماما يليق به من قبل المسؤولين الأردنيين ،فإنه سيغني الأردن عن حاجته الماسة للدعم المادي، لأن مئات الآلاف من السواح الجانب سيتدفقون عليه سنويا، كما انه سيساعد في حل مشكلة شح المياه في الأردن.
يعاني هذا الصرخ التاريخي المميز من التهميش في الأردن وكأنه غير موجود أو أنه لا قيمة حضارية له، فالجهات الرسمية لا توليه أدنى إهتمام رغم قيمته التاريخية والإستراتيجية، وما يمكن ان يقدمه للأردن الثري بالأماكن السياحية التاريخية التي ربما لا يعلم عنها القائمون على الشأن السياحي في البلد شيئا .
أطلق قيصر الصحراء أحمد ملاعبة الذي سبر أغوار الصحراء الأردنية وسجل العشرات من الإكتشافات التاريخية فيها ومن ضمنها نفق الديكابولس-اليرموك، أطلق العديد من الصرخات علّ وعسى، لكنها تبددت وعلى ما يبدو في ثنايان هذا النفق ليسمعها الإمبراطور هادريان في مرقده فقط ، في حين أن المسؤولين الأردنيين لم يسمعوها، بدليل أن أحدا لم يحرك ساكنا بخصوص هذا الصرخ التاريخي الكبير، رغم أن المسؤولين في الأردن يتغنون على الدوام أمام الكاميرات وعبر المايكروفونات بحبهم للأردن وحرصهم “الشديد”على تنفيذ توجهات جلالة الملك عبد الله الثاني السامية، والتي لو تم تنفيذ نصفها على الأقل، لوجدنا هذا البلد يسجل بين الفينة والأخرى قفزات إقتصادية مبهرة ولكن….
نحن في الأردن أمام معضلة إسمها الحرس القديم الذين يعتقدون ان حالة الجمود تمكنهم من الإستمرار في الهيمنة على مفاصل صنع القرار، وقد مررنا في تجربة سابقة قوبلت بصد وتشكيك، وهي مبادرة معالي عقل بلتاجي التي بعثت موقع المغطس من جديد في الأردن بعد إكتشافه، وقد بذل الرجل جهودا جبارة في الترويج للموقع، الذي أصبح محجا رئيسيا للحجاج المسيحيين في العالم .
نجح معال عقل بلتاجي في تنفيذ مشروعه لكونه في موقع صنع القرار آنذاك، وقد تمكن من القتال حتى الرمق الأخير لإنجاح فكرته، أما العلّامة الملاعبة فما يزال يحدوه الأمل أن يلتفت أحد من المسؤولين لفكرته القاضية بإعادة إحياء نفق الديكابولس–اليرموك وتوظيفه لإنعاش الأردن ،ومضاعفة القادمين إليه من السواح الأجانب بعد ان سوقه عالميا ووجد إقبالا شديدا من قبل الباحثين والخبراء والمختصين الأجانب الذين توافدوا عليه وأجروا عليه العديد من الدراسات وأقيم مؤتمر عالمي عن الأنفاق في الأردن عام ٢٠١٢ برئاسة قيصر الصحراء الذي إستضاف علماء من كافة قارات الأرض ووضعوا النفق على ١٨٠ موقعا الكترونيا. والعالم بانتظار تأهيل النفق حسب النمط العالمي.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن هناك نفقا غير منافس في فينتام تم إستخدامه لأغراض دفاعية إبان الثورة الفيتنامية المسلحة هناك، والتي أفضت إلى طرد الأمريكيين من فيتنام ،وطول هذا النفق “١٠٠ كم “،ولأنهم إستغلوه وحولوه إلى وجهة سياحية بات يدر عليهم دخلا سنويا يقدر ب”١٧” مليار سنويا.
نحن أولى بإستغلال وتطوير منشآتنا السياحية التاريخية الإستراتيجية، للعديد من الأسباب أبرزها أنها شاهد حي على ما شهدته هذه الأرض من حراك بشري متنوع، ترك بصمته تحكي عنه مثل أم قيس وأم الجمال على سبيل المثال.
السؤال المحرج الذي يطرح نفسه: من من المعنيين سيلتقط نداء البروفسيسور ملاعبة ويعيد الإعتبار لهذا الصرح المميز، ويوجه الجهات المعنية لدراسة إمكانية إستغلاله وبعثه من جديد…عموما هذه صرخة برسم إهتمام سيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني الحريص على مستقبل هذا البلد ونهضته.