فريق «مسارات» يحط الرحال في عجلون برفقة «الزائر الأبيض»

يواصل فريق «مسارات» الاستكشافي بقيادة الفنان الفوتوغرافي عبد الرحيم العرجان جولاته الاستكشافية في مواقع شتى في المملكة، وهذه المرة ترافق الفريق مع الثلج ليزورا عجلون التي تكللت بالبياض الأسبوع الفائت وعلى مدى أيام فظهرت بابهى وأجمل حلة.

البداية من راس منيف
يقول العرجان عن الرحلة: يأتينا شيخ الشتاء مرات محدودة في العام بشكل موسمي غير تراكمي وبمواقع متفرقة. فترات يكون في الشمال وأخرى في الوسط أو الجنوب، فاغتنمنا وجود زائر الخير ليكون لنا مسارا في أعلى جبال سيدة الشمال عجلون.
بعد التأكد من الحالة الجوية وتقرير مديرية الأمن العام بأن الطرق سالكة إلى عجلون دون وجود تراكم ثلوج أو انجماد وتغير الطقس ودرجات الحرارة خلال النهار وكذلك الحالة الجوية عند العودة، ومكان المبيت إنْ اطررنا لذلك، انطلقنا من العاصمة عمان عبر شارع الأردن فجرش ومن مثلث بلدة ساكب بدأ الشيخ بالظهور الذي علا هامات الجبال، كان هناك كثير من السيارات التي تركها أصحابها في الطريق بعد أن حاصرهم الثلج قبل ليلة.
ابتدأ المسار من رأس منيف 1180م على أن تكون نقطة النهاية بعد اثني عشر كيلومترا قرب محمية عجلون بدرب معلوم لنا معظمه ترابي ممهد لخدمة المزارعين والمناطق الحرجية وقد اكتساه الثلج بارتفاع زاد على النصف متر بالمعدل، وتكمن خطورة المسار بالدرجة الأولى إلى أن الثلج هش وغير متصلب فمع كل خطوة تغور أقدامك فيه وهذا يتطلب جهدا وحذرا أكبر في المشي خوفاً من التدعثر بالحجارة أو الخروج عن كتف الدرب غير واضح المعالم، ولذلك يتم استخدام عصي الارتكاز بشكلها المدبب دون وضع حلقات عليها حتى يصل انغراسها إلى نقطة الصفر لتعلم مدى العمق وأن تكون خطواتك بجانب العصا مباشرة.
تجاوز العقبات
ويتابع العرجان: أما العائق الثاني هو تجمع المياه ومجاري سيلانها؛ لأنها تكون مثل الفخ أمامك سطحية مغطاة لا تنكشف بالعصا وقد تنفذ إلى داخل حذائك لذا يتوجب ارتداء حذاء مطري عالي الساق ومن فوقه واقيات الساقين مع الحرص على تثبيت اربطتها بشكل جيد حتى لا ينساب لداخله الماء، أما العميقة فتنكشف من خلال عُصي الارتكاز، والأطراف هيَ مفاتيح البرد للجسم ومنافده فإن بردت تسلل إلى أنحاء جسمك دون أن تشعر، مع ارتداء القفازات الثلجية ذات الطبقتين الأولى مصنوعة من الفايبر المعزول والثانية من الجلد غير النفاذ للماء، وكذلك ارتداء جوارب منسوجة من شعر الماعز وهو الأكثر دفئا ًوالعازل للحرارة، لذلك نجد أن بيوت الشعر هي الأدفأ في البادية، أما الملابس فتكون على طبقات؛ الأولى بوليستر ومن فوقها كنزة صوفية وجاكيت من النوع المبطن وأفضلها ما حشوتهُ من ريش البط الطبيعي الذي يتكيف مع درجات الحرارة المنخفضة، وهناك شركات صنعت معاطف ذات تقنيات متقدمة بالعزل ومخصصة لأشد الأجواء برودة، أما الوجه والرقبة فلهما قناع بوليستر مغلف بنقاط قصديرية من الداخل تحافظ على درجة حرارة الجسم وتمنع البرد والريح إلى جانب نظارات مغلقة الجوانب وقبعة من اللباد، وبهذا تكون التجهيزات ضمن حدود الأمان والسلامة العامة بمستواها المتعارف عليه حسب إرشادات المنظمات الدولية للمسير والترحال.
مسار بلغت جمالياته حد الروعة النادرة التكرر فكما وصف الأديب رمزي الغزوي عجلون «بابنة الغيم» كانت كذلك، تحاور بين غيوم سمائها وبياض زائرها، وما حملته الأشجار المثمرة وما صادفناه من فلاحين يحاولون ازالة هذا الزائر عنها حتى لا تتكسر جذوعها ليكون لنا بضيافتهم قدح من الشاي والزعتر.
نقطة النهاية
ويختتم العرجان حديثه عن الرحلة بالقول: وبعد قطع بضعة جبال وعبور أودية واجتياز مساكن علت مداخنها دخلنا المساحات الحرجية وقد اغتسلت سيقان القيقب الأحمر بماء الثلج وغطى السنديان والبلوط كثير منه، مع احتمالية أن ينهمر عليك ما تحمله جذوعها من خير، لنصل لنقطة النهاية المحددة بسلام ونعود بتوصيلة إلى سيارتنا التي تركناها عند نقطة البداية، عائدين أدراجنا قبل حلول الضباب ومستبقين احتمالية خطر تجمد الطرقات ونكون حملاً إضافياً على مرتبات الدفاعي المدني.
ومن تجربتنا بالمسارات الثلجية خارج الأردن وذات الاهتمام الدولي في لبنان وجبال الهملايا وترودوس، ان المشي الثلجي يتم التعامل معه بنفس إرشادات وشروط المسير مع اختلاف المعدات وشروط السلامة، فالثلج التراكمي يصبح صلباً والمشي عليه مشابه نوعا ما للمسير على الأرض مع محاذير كثيرة منها؛ موسم المسير، سرعة الرياح، الجروف والشقوق، التجاويف التي تنشأ بجانب الصخور نتيجة التباين الحراري، والقاعدة الأساسية أن الماء يشكل 70% بالمئة من جسم الإنسان وسوف يتأثر بالعوامل الجوية المحيطة مثل تأثر الماء.